لا تغترب

لا تغترب
  يا ابن العمر. يا من تسترق القلب وشغف الإحساس. يا ملجأي وظلالي.. لا تزيد هجيرك. فالقلم والكلمات والمشاعر والدفقات حبيسة الرجاء المتقد بالبوح والتوسلات فلا تغترب. لأنك الأعياد كلها. ورؤيتي الاستشعارية واكتفائي الذاتي. أسمع يا حبيبي همساتك. كلماتك. صوتك العذب دائراً طائراً يرفرف فى أرجاء المنزل. غناؤك. ضحكاتك. بسماتك. قفشاتك التى أعشقها بكل ملامحها وسماتها حتى منهج المحاورة والمناطحة والمشاورة والتفاهم بيننا كل هذا أحبه فلا تشتتني ولا تبددني ببعادك يا ولدي.
ابني يا نجمتي. شمسي. أرضي. يا روح القلب وقلب الروح يا وطني لا تغترب وتترك لهفتي دون إغاثة. تزحف وراء أوهام وتجعلني أصحو وأستيقظ على فزع البعاد وحضن الفراغ تسلبني جمال رؤياك كل يوم.. يا خير الدنيا وفضائلها الراقية. أخلاقها السامية الحانية. يا حنين الوطن الأصيل الجميل الهمام. يا حدائق القلب يا دفقات السعادة. يا ابني يا شموسي الساطعة. يا عقلي الراجح وقراري الحكيم نهاري الدائم الصبوح بالمُني والإشراقة المتفتحة بندي العبير لا تغترب. إن طبائع نفوسنا متشابهة. فكيف تترك شبيهك وحيداً فى خضم الحياة. أوحد الاتجاه. يرتطم فى الوشايات والمكائد فى الصحاري المجدبة. فلمن أبوح بأسراري. نحكي سوياً. ندور بالأحاديث ونتجول فى الماضي والحاضر والمستقبل. تتسع لنا اللحظات وتفترش السعادة لقلوبنا على مائدة اللقاء.
  يا حبيبي لا تغترب وتقطع حبال الوصال وتتركني للذبول بلا ارتواء من فيض حنانك واهتمامك وعبير ذاتك العطوفة السخية بالعطايا تجود بها على أمك لتمنحها الحياة.
أرجوك يا أخي وأبي يا صديق العمر. يا ابني يا طائري وساحري الوجداني. مفتونة أنا بك. بحسنك يا جميل الأوصاف حماك الله ورعاك مما أخاف.
  يا حبيبي يا ثروتي. قدرتي. شبابي. سنوات فرحي يا سلاحي. أنت الذى أستمد منه طاقتي. قوتي. صوتي فلمن ستشرق شمس الضحى وبسمة اليوم وضوء النهار ليعلن البهجة واستقبال فجر جديد معك. 
 أنشودة عسل الصباح. أرجوك لا تغترب. فمن يسقيني ويروي ظمأ محبتي. ففي عينيك أمنياتي وأحلامي وفرحي. فمن سيفخر بمهاراتي فى كل عمل وفى كل مقال. حتى خبرات الحياة اليومية والأشعار والأفعال يا حبيبي يا نهري يا خير مقال. يا نبراسي وإحساسي. من سيغير معتقداتي ويستحدثها ويمدحني. يصفق لي. يلمس وجهي بأنامله الحنونة ويقبلني. ينظر فى عيني بزهو ودهشة0 ويثني على قدراتي وصبري واجتهادي وعطائي ويدعو لي بالصحة والنجاح.
  يا ولدي يا عشقي الأول وأخي الذى تمنيته من الله سبحانه لا تغترب بحق ما أوصاك به رسولنا الكريم صلي الله عليه وسلم "أمك أولي بصحبتك" بحق سنوات الطفولة والصبر والمناهدة والدعاء والليالي الساهرة الحارسة لأجفانك ورعايتك.
  لا تغترب فأنت عالمي الرائع الذى أنهل منه أنهار الخيرات واليقين والحب يا نهر حنيني. عمري. نضرتي وملامحي السمحاء يا أنا. يا ذاتي يا كياني وحريتي واسمى يا جنتى.
 أستعطفك لا تترك بلدتي وتسافر سأفقد أوكسجين الحياة. يا نبضي الذى ينطق باسمك ليعلن صباح الخير. فأين ببعادك الخير وكيف يأتيني وبيني وبينك مسافات وطرقات وبلاد. كيف يتجول الدم فى شراييني دون دفقات كلماتك وطيبة قلبك الذى يرقرق مشاعري. وأدعو الله الكريم بالحمد والشكر فى صلاتي لأنك ابني وأخي. ياحبيبي يا سر بقائي وكنز الوجود بل أنت وجودي. ليس من طبع الليالي الأمان فأنت أماني الوحيد الفريد العفي الوليد الأبي العنيد الآمن.
  أرجوك يا ابنى لا تهجر القاهرة الساحرة الآسرة الرائعة لن أوافق على هذا الخلع. سأعتصم وأقدم مبررات اعتصامي سأصرخ بأعلى صوت وأستحضر السنوات واللحظات و الآلام والأحلام من وقت كنت طفلاً حتى والحمد لله أن صرت رجلاً يحميك و يحفظك الله. سأجعل الأيام شهوداً عليك والذكريات والاحتضان والاحتواء والأمنيات والآيات يا ابني الغربة زهرة شوك وطائر يتوه فى محراب البلاد المتسعة يعارك الحياة والطقوس والانتماءات حتى يلتقي و يجتمع بالساعات المغتربة على زاوية الفراق والبعاد حبيبى. أنا عاجزة عن البوح والتصريح بما يحمله الإحساس والعمر من كلمات ورجاءات وتوسلات فمن يشرح ما يلج به صدري ويترجم خفقاتي ولهفتي وشغفي وشوقي من يا ترى وأى المعاني والمفردات واللغات والقواميس تفسر مشاعر أم يغترب عنها ولدها الوحيد الذى هو ابن وأخ وصديق.

  يا ابني يا هدية الله سبحانه لي تصحبك السلامة أينما كنت رجائي أن تستخير الله فلك الاختيار ولي الدعاء والصلاة . فقرارك ملكك حتى ترضى. فالحياة قرار واختيار  وليتحمل كل منا اختياره بعد المشورة والتريث وقراءة القرآن الكريم .