على أجنحة الذكريات
قالت ... التقينا على أجنحة الذكريات . الكلمات باقات زهور والحروف برائحة
الياسمين النظرات رسائل تحملها الطيور شرارات الفرح تنسكب فى القلوب , اللحظة
تعانقها شجرة الميلاد بأساطير تقتنص النور من الشروق , روائع فيروز تدغدغ الإحساس
والخطوات تنغمس فى لهفة الأسئلة تتقد الروح لتعلن الإجابات الشغوفة للاستكانة بين
جنبات الاسترسال , تقودنا الساعات للساعات فتمنحنا عمراً جديداً تتجلى فى برق
يدهشنا بالدفقات , عصافير ترفرف وتغنى للأمكنة التى تجمعنا فى لغات بلادنا
بالاخضرار جعلتنا نرسم الحاضر وجهاً من نهار يذوب شوقاً مفتوناً بالمستحيل على
قوالب أشرعة اللقاء بعذوبة الصباح الذى يتجلى فى الكيان .
نلمح كل الأشياء حولنا بلون الورد لم تعلن المسافات عن ميعاد النسيان بين
مخابئ الأيام وصراعات الأحداث كرمشات لظروف قديمة وجوهنا برغم الخطوط المحفورة على
الجبين وأسفل الجفون نحبسها دعابة من دعابات السنوات طبائع إحساس المشاعر كما هى
أنا فى عيونه الصبية الجميلة وهو فى قلبى الفارس العفى وبدقات النبضات التى تتجلى
فى نشوة الأمنيات المسروقة رغماً عنا من قرارات سابقة .
ولكن طفولتنا تخفق بابتسامة الحضور العفيفة الرقراقة والقوية فى نعومة تشبه
السهل الممتنع تتحدى سلبيات الأحداث هذا الطهر البهى , الذى صارحنا على الحياة
والنصيب فى وحشة البعاد . أبواب الغربة زادتنا اقتراباً . أناملنا تحلق بملابسات
بدون اشتعال فكلانا أطفأته الوقائع المتبعة الثقيلة المجهدة من ملوحة أسفار البحر
وفراغ الليالى والمسئوليات والانكفاءات بعقلانية التعايش والماديات .
لقد تلعثمت النداءات دون جدوى وما بالك بأكاذيب الغربة التى تقطر جمراً
ووهجاً فى أوهام تسكر الجروح فتزداد عمقاً وتنهمر حزناً على عهود الوعود التى تزيف
طعم الوجود بالهجرة والهجر فى تواجد لا إنسانى بدون مصداقية وشفافية .
التقينا بسنابل ورياحين وقناديل بفيض من عسل تركته النوارس حولنا , النيل
يبارك الوقت ويقرأ فى ملامحنا سعادتنا قوة أغصان القصائد معطرة الأمزجة سطورها وجد
توحــد على نوافذنا فانتبهنا بسمو العطايا فى وجداننا المرهق .
وكأنما العمر لم يعرف مواجع الانتظار خلف البكاء وندب الانحناء لضعف
القدرات على مواجهة المفارقات حتى لا نموت ونحن على قيد الحياة .
قالت .. حينما التقينا احتجبت سحب الرحيل وأشرقت مواسم البهجة على بساط
الربيع ليؤانس ويأتنس بفرحة الندى الذى اهتدى يؤججنا بأسرار الضحى .
إنه الميلاد فى رحابة الشوق والمكان تبدلت الأحوال ومنحتنا كوكباً متسعاً
بثقة تشهق فى فضفضة عناق العواطف التى ترشق الحكمة فى تصالح القسمة .
التقينا رغم محطات حصار الواقع لنا أسماؤنا تهبط على الشفاة كقمر ونجوم تضم
نشيد الأرض وتنشره أغنيات سلام وصفاء إنه بهاء المدينة يدخلنا ولأول مرة نراها
بهذا الجمال نحدق فى مزاياها ونذوب حنينا بوجوه لا تعرف من قبل وداع الصبا بلوعة
الأزمات وطنطنة الاضطهاد بالفقد واحتقان النزاع فى أروقة الفراق , التقينا وتخلينا
عن العتاب وحدود الشجن المنغمس فى المترادفات فتحنا عيوننا على أمل الافتراضات
والمسلمات والمعتقدات التى تناسبنا لاستمرار قناعتنا ويقيننا بوفاء عوالمنا نحن
الآن نستدعى التناسي وإنكار المآسى و نحتفل بالميلاد .
حان الوقت لانتشال النفوس من العتمة والنهوض بها فى الاحتياج والامتزاج
بطراوة الحرية المتاحة بالسماحة لوحات تنادينا بإضاءة جديدة ترقص مع ملائكة
الاتفاق ورونق جلجلة السعادة , اتفقنا علي أننا الآن بوعود جديدة تدفئ صقيع الشتاء
الوحدوى وتنعش ذاكرة الطمأنينة واستدامة الرضا .
قالت .. التقينا فصارت معنا الحياة على شاكلتنا تتراقص فى المواكب وتغنى
على ألحان الطبيعة موسيقى الكون تتألق أنغاماً وانسجاماً نكتب التاريخ بأيدينا ,
ونهدى كتاباتنا للزمان نستعطفه , ونرجوه ونستحلفه أن يصبح الحلم حقيقة ويتركنا
دائماً وأبداً سوياً ونشطب على ما سبق من تمزقات باردة الحوارات .
ولكن للأسف لم يستطع الحلم تحقيق المستحيلات بدون أفعال إصرار واهتمام ,
تخوض فى مساحات العزيمة الإيجابية .
"ولقد أخبرنا الزمان "
بعد طول الانتظار آن آوان المعجزات هاجر يعبر المحيطات وعودته تتأرجح بين
الاحتمالات فتعجبنا تذبذبنا أفقنا ثم ارتطمنا فى حوائط مدموجة بالدوامات كالزلزال
يجتاحنا و يحاول هدم قصورنا , كأن الصمت يغلفنا ويلفلفنا للحسرات وعدنا من حيث
بدأنا فليس كل ما يتمناه المرء يدركه وأخذنا نردد ليتها دامت لنا اللحظات ليتها
دامت لنا الأمنيات والطموحات وكيف نعيب على الزمان والعيب فينا فنحن لم نفعل شيئاً
إلا الحلم واللقاء بالكلمات فكيف يستجيب لنا بدون أفعال واجتهاد وسعى وصدق
للإنجازات .
فلنبدأ بصبر دؤوب ونعيم يشق الروح لتشفى من خمولها وتواكلها .
فنهضنا نبث العزم فى العروق بالحب فالحب ثروة كيف نضحى بثرواتنا ونلوم
الأعوام أبداً لن نفترق ولن يطولنا الطوفان التقينا اتفقنا تعاهدنا ورسمنا خريطة
التحدى لنعبر بإصرارنا البلدان حتى تلين لنا الصعاب و يحتفى بنا الزمان ولقد آن
الأوان يشيد لنا البنيان وكلنا إيمان أن يجمعنا على خير وأمان وهذا بالإمكان بأمر
الرحيم الرحمن وعلى لقاء إن شاء الله .
فيض من مشاعري
إسكندريتي فيض من مشاعري ، نبع من حنان لأناشيد اللقاء والتوحد مع رشفات
السعادة.. نهارى معك جنة وغناء .. حب ووفاء لسماء تستعطف أشعاري وأنسامي .. معك
أنا نفسي عفية ، تخترق الأشجان وتعلو فوق الأحزان ، وتحولها سطوراً وأشعاراً علي
بساط الشمس ، نهار ساطع فى قلبي ، يروى قلمي فلا يجف أو يمل ، أملأه كل لحظة من يود
البحر، ليهدهد روحى وزمانى .أيتها الفاتنة العطرة القابعة فى ضميرى ، وثنايايا
تهديني أحلي الكلمات فتعانقني الرغبة ويستدرجني الطموح ، لأضع الحياة على وتر
السنين المطمئنة.
إسكندريتي تسري فى وجداني أتوضأ من خير ترحابها وأصلي فى رحاب مساجدها
وشعائرها الروحانيه التي توطد السكينة والإيمان فى القلب .
إسكندريتي منظومة الحب العفي تعلو هامتي وأنا فى أحضان ذكرى جمالك الأخاذ
الفواح اللماح بين مرادفات وجوه الحقائق أسبح فى صدق شفافيتك ، وأنهل منك عذوبة
اللحظة شجراً وثمراً .
ياينابيع الود وورود الحدائق وياشلالات الحب الساحر ، الشوق يعتصرني يا
سلطانة الأشواق ، هل تذكرى مثلي عبق المواعيد والوعود والتلميح والتصريح والفارس
المغوار الذي قاسمني الحياة ، وهو بحرك الشجي ونوارسه وأعاصيره وشدته وغضبه وصده
وجزره وأمواجه ورزازه كلهم يداعبون خدي ، وهواؤك الذى يسافر بي إلى شمول الاستغراق
فى رســـــــائل الحلم والأمـنيات ودوامـــــات المسئولية و ؟؟؟؟
إسكندريتي أيتها الفاضلة يا ساحرة الوجود وحكمة الأزمان والأفعال والأقوال
.. ياخزانة الآداب والفنون والأشعار والفلسفة .. ياتراكيب النفس العذبة الشجية ..
أيتها الصديقة التي منحتني من عطاياها بسخاء وعناية ورعاية .. منحتني وسام التميز
والتحيز بأحضانها وتاريخها , مفاتنها وشواطئها وعواطفها السمحاء وجمالها الساحر
البراق المسافر فى قلوب العاشقين لها مثلي. أشكر الإسكندر الأكبر علي اكتشافه ..
أبعث له رسالة من الحاضر أيها الجد الجاد القدير إلي فتوحاتك العظيمة شكرا"
لك علي هديتك .
إسكندريتي أمي التي اخبأتني بين أحضانها وجناحها ، منحتني العلم والفهم .
والصلة والموصول . والفعل والمفعول ، حسن
الصفة والموصوف والعطف والمعطوف . الذات والزواد . القريبة والرقيبة . يافتوحات
عمرى وصباي .
إسكندريتي يا قصائدي ومساجدي أيتها الشكوى والعتاب والحزن والعذاب . الحياة
والموروثات والتخصيص والمدافعات والمقدورات ، أطلب العون منك أعينيني . فأنا
المصدر وأنا السبب فتغاضي عن قراري بالبعاد . واعذريني وسامحيني علي الرحيل وتفضيل
النهر عن بحرك ، إنها الأقدار وسبحان الله العلي القدير . إنه هو النهر العظيم
طارح الخيرات ، نهر الأجداد إيزيس وحتشبسوت وماعت ونفرتيتي ونفرتاي وكليوباترا ،
إنها حواديت الزمان وتاريخ الحضارة ورمز الوجود ، سبحان الله هو النهر الذى وعدني
وراودني وغازلني وطاردني كثيرا" منذ طفولتي . أرسل لي العديد من رسائله المعطرة
بباقات الأمنيات والخيرات وسحر الساعات وومضات النجمات تسبح فى فضاء شبابى وصباى
تروى عروقي بنشوى الاقتراب والشوق العفي يتراقص فى أنحائي ويرفرف علي أغصان عمرى .
حينما كان ملح البحر يجمدني ويحجمني ويلجمني ويحول حلقي مرارة ويسجن التحليق
والأمل تحت سقف الواقع والمسئولية والأشخاص والأبعاد المغلقة يلمحني الفقد ويعلو
الحلم بعيدا" يطير فى المستحيل واللاوعي وأنا كل يوم أذهب إلي شاطئ البحر
أبحث عن حلمي ، أنتظر الأفراح والنجاح وأجتهد وأعمل وأتعب ولكن البحر يسوفني
ويغرقني فى دوامات الغد القادم ، كل يوم له غد، وكل نهار له
مساء وانتظار حتي احتواني الانتظار. قابعة أنا هنا مع أنى لا هناك ولا هنا ، أنا
أبحث فى دائرة الانتظار عن الأنا . عني . أنقذني إيماني يا إسكندرية شتاؤك صقيع
أرتعد فيه . وبرد لا يلملم روحي ولاأحتمل زوابعه ، وبرقه ورعده . يجتاحني الخوف .
تتشتت أفكارى ورقتي ونعومتي وتقفهر ملامحي . أغوص فى نفسي لأبحث عن بصيص نور ودفء
. يعاركني شتاء ويطول روحي وذاتي وقواى
وأرتعد. ويحارب ابتسامتي . تستضعفه دموعي وهو يحارب ابتسامتي . فيصيبني الأفول
والحزن, الخجول يعانق الخمول . ونسير سويا" مع الشتاء العنيف وأصبر . وأصبر
كما عودتني أمي حتي يحزم أمتعته ورحاله يرحل بأمطاره وكثافة أقداره ورعوشات أفعاله
وانفعاله ، أتنفس الربيع البديع الوديع . ولكنني لا أخفي إيجابياته وهو يضع عزلتي
وغرفتي وتوحدى ليغزل وحدتي مع مكتبتي وقلمي وثقافتي وتكويني ويسيطر قبولي ورفضي
وتمردي وهدوئي وعزلتي وفكرى وشوارع ذاكرتي وأشجار خيالاتي وثمار إبداعاتي ووجدان
حضورى وغياب اغترابي ، إنه الداء والدواء. ولكن احتمالي وقدراتي تتفاوت فى القوة
فأقبله حينا" وأغضب منه أحياناً، فعفوا" شتائى فلا أتجني لا سمح الله
وأتحدى حاشا لله بل أنا بشر ولست ملاكا" فاقبلني علي حالتي وعيبي وفلسفتي
ولاتعاقبني علي صراحتي فأنا لا أقبل المناصفة . والبين بين . وضوحي هو سر تميزى ،
ولهذا لا أقبل الأقنعة وكم صدمتني الحياة . وأقنعت البشر حتي تعلمت التميز ولكنْ
هناك شخوص يحبكون صناعة القناع وسأظل أحاول أن أتعلم حتي تمنحني الحياة الخبرة
والوعي ومثالية المعرفة وقوة الإدراك بجميع الحواس . أيها الشتاء القوى أتذكر معى
مكتبة أبي التي بهرتني وشاركتني وقاسمتني الطفولة والصبا والصيرورة وصاحبتني علي
أبي وروضت ووطدت علاقتنا سويا" ، والتقينا فى نقطة الفكر والثقافة والحديث .
فتحت لي طاقة من نور الله فى قلب وعقل أبي والتقينا بعد ما كان حزنه شديداَ لعدم
إنجابه ذكرا" يحمل اسمه ويقاسمه الحياة والمسئولية ويخفف ما علي عاتقه من هم
البنات ، التقينا أنا وأبي علي مائدة الحكي فتح لي قلبه وأزاح الستار عن حزنه
المكبوت وراء ابتسامته وحكمته وقراءاته وثقافته المتعددة .
أبي ((
سي السيد )) سمح لي أن أمسك أطراف الحديث وأعرض وجهة نظري فى كتاب أو مقال انبهر
بشجاعتي فى الإقدام واقتحام مشاركته لحظاته وكانت البداية.